في هدوء تام شرب المصريون أكبر "مقلب" في حياتهم منذ ما يزيد على 30 عاما بعد أن استغلت حكومة د. احمد نظيف انغماس ملايين المصريين في الأحداث الصاخبة التي رافقت مباراتي مصر والجزائر يومي 14 و 18 نوفمبر 2009 وقامت بتمرير مسألة رفع رغيف الخبز المدعم من 5 قروش إلى 20 قرشا بواقع 400%.
وهي العقدة الكئود التي فشلت جميع الحكومات السابقة منذ أحداث 17 و18 يناير عام 1977 التي أطلق عليها انتفاضة الخبز أو الجوع ، في تجاوز حتى نصفها، فكان الحديث فيما سبق عن تحريك سعر الخبز من 5 قروش إلى عشرة، لكن كانت جميع الدراسات الأمنية تحذر من مغبة هذا الإجراء لخطورته على استتباب حالة الأمن الداخلي.
فأمام شاشات الإعلام وقف دكتور علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي المصري ليعلن أنه تم تحديد الدعم العيني للخبز بـ13 جنيها ونصف جنيه للفرد شهريا بعد إقرار السياسة الجديدة لدعم الخبز التي
د. تمنح للمواطن اختيار طريقة الحصول على الدعم مع رفع سعر الخبز إلى 20 قرشا.
وأضاف المصيلحي انه سيكون بمقدور المواطن الاختيار ما بين حصوله على قيمة الدعم نقديا أو الحصول على دقيق مدعم، أو أن يشترى الخبز بسعره المدعم من المخابز ومنافذ البيع.
وأكد الوزير أن تحديد 13.5 جنيه قيمة مادية لدعم الخبز جاءت بعد دراسات متأنية، لأنه إذا كانت تكلفة إنتاج الرغيف 20 قرشاً، منها 15 قرشاً دعماً، ومتوسط استهلاك الفرد 3 أرغفة يومياً يعنى أنه يحتاج ما قيمته 45 قرشاً لدعم رغيف الخبز يومياً، و13.5 جنيه شهرياً.
وكانت تقارير صحفية أفادت سلفا باعتزام الحكومة إعادة هيكلة دعم رغيف الخبز وتوزيع الدعم وفقاً للحالة الاجتماعية، أعقبتها تصريحات بأن الإبقاء على الدعم العيني لرغيف الخبز الهدف منه الوصول إلى بعض الفئات التي يصعب الوصول إليها في حالة تحويل الدعم بأكمله إلى نقدي.
لكن هذه الأنباء قوبلت برفض قاطع من نواب البرلمان من قبل حيث رأوا صعوبة تطبيق الدعم النقدي علي بعض السلع الأساسية قبل زيادة الأجور ضعفين عن حدودها الحالية مع الحصول علي ضمانات من الحكومة بتثبيت الأسعار لجميع السلع إضافة إلي ضمان ثبات أسعار الكهرباء والمياه والغاز والبنزين
والسولار دون زيادة حتى يشعر المواطن بزيادة حقيقية في الأجور.
إلا أن حكومة نظيف رأت التربة مهيأة تماما هذه المرة لضرب ضربتهم والناس نيام، فراحت تلهيهم في أحداث الشغب التي رافقت مباراة مصر والجزائر التي أقيمت بالعاصمة السودانية الخرطوم، ومن قبلها بالتمهيد لمباراة القاهرة ثم الفوز، وبالطبع التقط المصريون الطعم، بعدما فتحوا أعينهم فوجدوا أنهم فقدوا أغلى ما عندهم ونقصد به "رغيف العيش".
فالمواطنون في مصر لديهم اعتقاد بأنه ليس مهما مضاعفة سعر كيلو اللحم فهم في جميع الأحوال يأكلونها في المواسم والأعياد وكذلك الحال مع الدواجن التي يرى كثير منهم أن صدورها وأوراكها عورة لا يجب الاطلاع عليها إلا من خلال الهياكل والأجنحة، أما "رغيف العيش" فهو العيش بحق فهو رفيقهم لملأ البطون طوال اليوم، ومن هنا فله قداسة خاصة سلبهم إياها د. احمد نظيف "الله يسامحه".
الخطير في الأمر أنه لم يلتفت أحد لهذه الخدعة رغم أنها تمس مصير أكثر من ثلثي الشعب من محدودي الدخل ومعدوميه، فيكفي أن نعلم أن أكثر من مليون و200 ألف مصري محالين للمعاش وأصحاب معاش
التضامن تقل دخولهم عن 200 جنيه شهريا وفق الإحصاءات الرسمية الحديثة.
وقبل عيد الأضحى شهدت الأسواق ارتفاعا جنونيا في أسعار اللحوم التي قفز سعر الكيلو منها إلى أكثر من 50 جنيها حتى أنها في كثير من الأحياء لم تجد من يشتريها حتى رابع أيام العيد.
كما قفزت أسعار السلع التموينية بمعدلات خطيرة حيث تعدى سعر كيلو السكر بالأسواق 450 قرشا بزيادة قدرها 100%، في حين وصل سعر كيلو الأرز 325 قرشا بزيادة قدرها 80% على الأقل.
RSS Feed
Subscribe to our RSS Feed